سورة مريم - تفسير تفسير الزمخشري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (مريم)


        


{قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31) وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (32) وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (33)}
أنطقه الله أوّلاً بأنه عبد الله رداً لقول النصارى و{الكتاب} هو الإنجيل. واختلفوا في نبوّته، فقيل: أعطيها في طفوليته: أكمل الله عقله، واستنبأه طفلاً نظراً في ظاهر الآية. وقيل: معناه إنّ ذلك سبق في قضائه. أو جعل الآتي لا محالة كأنه قد وجد {وَجَعَلَنِى مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ} عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نفَّاعَا حيثُ كنتُ» وقيل: معلماً للخير. وقرئ {وَبِرَّاً} عن أبي نهيك، جعل ذاته برا لفرط بره. أو نصبه بفعل في معنى أوصاني وهو كلفني؛ لأن أوصاني بالصلاة وكلفنيها واحد {والسلام عَلَىَّ} قيل: أدخل لام التعريف لتعرفه بالذكر قبله، كقولك: جاءنا رجل، فكان من فعل الرجل كذا، والمعنى: ذلك السلام الموجه إلى يحيى في المواطن الثلاثة موجه إليّ. والصحيح أن يكون هذا التعريف تعريضاً باللعنة على متهمي مريم عليها السلام، وأعدائها من اليهود. وتحقيقه أن اللام للجنس، فإذا قال: وجنس السلام عليّ خاصة فقد عرض بأن ضدّه عليكم. ونظيره قوله تعالى: {والسلام على مَنِ اتبع الهدى} [طه: 47] يعني أنّ العذاب على من كذب وتولى، وكان المقام مقام مناكرة وعناد، فهو مئنة لنحو هذا من التعريض.


{ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (34)}
قرأ عاصم وابن عامر {قَوْلَ الحق} بالنصب.
وعن ابن مسعود {قالُ الحق} وقال الله.
وعن الحسن: {قُولُ الحق}، بضم القاف، وكذلك في الأنعام {قَوْلُهُ الحق} [الأنعام: 73] والقول والقال والقول بمعنى واحد، كالرَّهْبِ والرَّهَبِ والرُّهْبِ. وارتفاعه على أنه خبر بعد خبر، أو بدل، أو خبر مبتدأ محذوف. وأما انتصابه فعلى المدح إن فسر بكلمة الله، وعلى أنه مصدر مؤكد لمضمون الجملة إن أريد قول الثبات والصدق، كقولك: هو عبد الله حقاً. والحق لا الباطل، وإنما قيل لعيسى {كلمة الله} و {قول الحق} لأنه لم يولد إلا بكلمة الله وحدها، وهي قوله {كن} من غير واسطة أب، تسمية للمسبب باسم السبب، كما سمى العشب بالسماء، والشحم بالندا. ويحتمل إذا أريد بقول الحق عيسى، أن يكون الحق اسم الله عز وجل، وأن يكون بمعنى الثبات والصدق، ويعضده قوله: {الذى فِيهِ يَمْتُرُونَ} أي أمره حق يقين وهم فيه شاكون {يَمْتَرُونَ} يشكون. والمرية: الشك. أو يتمارون: يتلاحون، قالت اليهود: ساحر كذاب، وقالت النصارى: ابن الله وثالث ثلاثة.
وقرأ علي بن أبي طالب رضي الله عنه: {تمترون}، على الخطاب.
وعن أبيّ بن كعب: {قول الحق الذي كان الناس فيه يتمرون}.


{مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (35)}
كذب النصارى وبكتهم بالدلالة على انتفاء الولد عنه، وأنه مما لا يتأتى ولا يتصور في العقول وليس بمقدور عليه، إذ من المحال غير المستقيم أن تكون ذاته كذات من ينشأ منه الولد، ثم بيّن إحالة ذلك بأن من إذا أراد شيئاً من الأجناس كلها أوجده ب (كن)، كان منزها من شبه الحيوان الوالد. والقول هاهنا مجاز، ومعناه: أنّ إرادته للشيء يتبعها كونه لا محالة من غير توقف، فشبه ذلك بأمر الآمر المطاع إذا ورد على المأمور الممتثل.

4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11